السبت، 9 فبراير 2013

زواج صالونات



هناك زواج شرعي وزواج عرفي وزواج متعة وزواج المسيار .... نتفق جميعا على الأول ونختلف في الثاني ونرفض الثالث والرابع ... أما زواج الصالونات فهو جريمة في حق قلبك... وتبدأ الحكاية دائما من هنا.... من الجنة التي تحت أقدام الأمهات...
قالت له: يا بني أريد أن أفرح بك قبل أن أموت.
قال: جعل الله يومي قبل يومك يا أمي ، أمد الله لنا في عمرك.
قالت: أريد أن أرى أبناءك.
قال: لكن يا أمي لم أجد الفتاة ا
لتي أحلم بها.
ويتكرر هذا الحوار ويزداد الإلحاح ويقود إلى زواج تقليدي حيث تعرض على الفتى الجاهز بنات العائلات المحترمة ويختار إحداهن... ونسمي هذا في مصر زواج الصالونات والأنتريهات ... زواج العهد القديم ، سفر السكوت علامة الرضا.

قال: يا أمي قد تزوجت إرضاء لكِ ، لكن صدقيني ما أحببتها.
قالت: ستحبها يوما.
قال: إنني سأتزوج الفتاة التي أحب متى قابلتها وإن لم يبق في عمري غير ساعة.
قالت (بنبرة يملؤها الندم): ربنا يسعدك يا بني.
بعد 8 سنوات من الزواج ترفض الطلاق منه وتعلن على غير المتوقع متحدية أهلها أنها لن تغادر بيتها.
قال: أنا سأغادر.

قصة قصيرة جدا تحدث بكثرة.

مصطفى إسماعيل

الأحد، 26 أغسطس 2012

كلمات من وحى الألم



حتى القلم يجف ... يموت .. ولكنه يترك خلفه بعضا من أنفاسنا.

القلوب المحتلة لا تعرف الاستقلال وللأسف لم تنص معاهدة فيينا على حقوق القلب المسلوب.

علمونا أن أطوار الحياة ثلاثة .. بعد الميلاد وبعد الموت وبعد البعث ... وتركونا نفاجأ بالحياة بعد الحب.

نعم ولدت عندما أحببتك .. ألا تلاحظين أنني أتصرف كالأطفال !!

...
القلب الذي لم يعمره نور الحب هو قلب خرب مظلم تسكنه شياطين الجن وتتجاذبه أهواء أبالسة الإنس.

الغريب أن قلوبنا تكون أجساما مضادة ضد ما يريحها فتطرده لتحتفظ بما يشقيها.

عندما يزدحم القلب بالأوجاع نصل لمرحلة أشبه باللاشعور وهي مسكن للألم من رب رحيم .. لكن للأسف فهذه المرحلة لا تستمر طويلا ولكنها فقط تبقينا على قيد الحياة.

الأحزان ابتلاء من الله تسمو بها النفس الطيبة لتقترب من الله وتلجأ إليه فهو الذي سواها وألهمها إن صبرت تقواها وإن جزعت فجورها ليفلح من زكاها ويخيب من دساها.

مصطفى إسماعيل

الجمعة، 3 أغسطس 2012

حالة عشق إكلينيكى

عندما تكون في البيت ويرتفع صوت التليفزيون فجأة .. أين كنت !
عندما تكون وسط الناس وتسمع أصوات محاورتهم فجأة .. أين كنت!
عندما تسير في الطريق ويرتفع الضجيج إلى أذنيك فجأة .. أين كنت!
عندما تغيب الحواس وتعود فجأة .. عشق إكلينيكي !!!
حالة عشق إكلينيكى.


مصطفى إسماعيل

نبض


تلك اللحظات التى أقضيها في قربك هي المسكنات لقلبى النابض باسمك بين شهقات الشوق وزفرات الحرمان... أفتقد فيها الأسلوب واللباقة وثلاثة أرباع مافي رأسي فأظهر أمامك عاريا وأنا أستحي من عينيك.


مصطفى إسماعيل

حبيبتي


"حبيبتى"

هذه الطفلة الجميلة الباسمة كالسراب يتلألأ لعينى فإذا ما اقتربت منها ومددت يدى هرمت وغطى العبوس كل هذه الحديقة الغناء فى صفحة وجهها الملائكى فتسوقنى إلى نهر من الحيرة يتدفق تياره فى وديان القلب والروح.


مصطفى إسماعيل

جريرة القلم

فكرت كثيرا أن أمزق أوراقي وأشعل بها النيران وأحزم أحزاني وأرحل .. غير أن الرحيل موت أخشاه .. فطرقت باب الرحمن أدعوه .. أرجوه .. أن يزيل الحزن من قلبي أو يأذن لروحي بلقياه.


إنني حين أكتب أسكب بعضا من شعوري .. بعضا من ذاتي على صفحات الخواطر.. لكن الكثير .. الكثير لا أستطيع التعبير عنه ... وأكثر ما أكتبه لا أستطيع نشره لأنني لا أستطيع أن أسكب ذاتي كلها فربما لن أقدر على لملمتها ثانية.


مصطفى إسماعيل

احتضار الأمل


لم أجرب الموت لكني على يقين أن خروج الروح من الجسد أيسر بكثير وأقل إيلاما وأثرا من خروج الأمل من النفس .. فالأول ينتهي إلى تحرير الروح من أغلال الجسد أما الأخير فيغلغل كل جزء يتركه من النفس بأغلال من الجحيم حتى إذا انتهى النزع الأخير صرنا دمى تحركها المقادير ويحسبنا الجاهل من الأحياء.



لقد أعطتنا الحياة أكثر مما نريد .. ربما لأننا ضيوف خفاف عليها ... لكننا لن نذهب عنها بما منحته بل بما قدمت أيدينا.


مصطفى إسماعيل

من وحى الألم

ذلك العشق ليس هبوطا اضطراريا في مطار الحبيب ولا هو ترانزيت .. هو فقط إقلاع عن جميلات الأرض للتحليق في عيون من نحب... ونحن تعلمنا فقط كتاب الطيران وجهلنا الهبوط.

لم أفرط فيك أبدا فأنت أجمل ما في الحياة .. أنت قبلة سعيدة طبعت في قلبي .. أنت روح من طهر ونور .. أنت بسمة طفل داعبت غريزة الأبوة في أعماقي .. أنت رحيق أزهار الفردوس .. أنت عطر ملائكي .. أنت أجمل من الحياة.


أنت تعيشين في كل دقيقة من عمري وأنا يا عمري أرهقني الاشتياق .. أسمع بكاء قلبي يملأ صداه أرجاء نفسي وكلما بدا لي شبح اليأس أفر منه إلى متاهة الأمل حتى أجنب نفسي إثم الانتحار فقد تجرعت كأس الهوى مخلوطا بسم الحرمان منك.. ولا ترياق يشفي غير الوصال.

مصطفى إسماعيل

الأحد، 22 يوليو 2012

"وشوشة القلم" - قصة قصيرة جدا


بينما أصغى لوشوشة قلمى وأنا منهمك فى الكتابة أدركت لأول مرة أن صرير القلم ليس نوعا من الموسيقى الخافتة فحسب فهو بعض من صدى روحى على الصفحات.

هادىء ... كثورة البحر إبان زلزال شديد عند فوهة بركان فى قاع عقلى الباطن ..

تراوده الفكرة عن نفسه فينحرف عن السطر ويبدأ الهذيان ، يمزق ما فى نفسى من هلاوس العشق نزيفا على الأوراق.

مصطفى إسماعيل

السبت، 12 مايو 2012

سكرات الاشتياق.


لم أعد قادرا على حبس الدموع بعدما أصبحت أيامي سكرات موت في احتضار طويل الأمد .. الله وحده يعلم متى ينتهي ومتى تنفلت الروح من حبائل تلك الآلام المفرطة.

إنني أتألم بشدة ويتحرق قلبي وأحيانا أود أن أبكي لولا تماسكي وكثيرا أسمع صدى البكاء في صدري كنحيب ثكلى طال بكاؤها.
لم يعد لدي رغبة في العمل ولا حتى الاستمرار في الحياة ، لا أريد أن أكون جادا ولا لاهيا ، ولست أدري من أين تسربت إلى نفسي أعراض الإحباط رغم أنني أومن بالله وقضائه وقدره وأومن برحمة الله الواسعة ولست من القانطين .
إنني بطبعي متفائل جدا ولا يغيب عني الأمل أبدا حتى في اللحظات النادرة التي أتظاهر فيها باليأس.
ليست لدي أي رغبة في الحديث مع أحد أو الكلام في أي شيء وأصبح الرد على الهاتف ثقيلا جدا على نفسي حتى أنني أبذل جهدا مضاعفا لأخفي آلامي عندما يتصل بي أهلي وخصوصا أمي.
نعم أريد أن أفقد اتصالي بكل العالم أريد أن أكون هناك بعيدا في راحة الخلود بين يدي ربي حيث لا هم ولا شوق ولا نصب.
تمزقني أشواق وأفكار وهواجس ..
وشبح اليأس يتراءى لي بين ساعة وأخرى يريد أن يطفئ في قلبي نور الأمل ويبقي لي جمرات الاشتياق.
نعم أخشى الفراق.
أخشى أن يتبدد لدي يوما أمل اللقاء.
أخشي ذلك الحرمان الأبدي حيث لا جدوى للبقاء.
أيلقى ذلك القلب حتفه هكذا بلا جريرة ارتكبها غير شعور نقشته أيادي النقاء .
كيف يذبح ذاك القلب ويدفن في جسدي ويطلب مني أن أستكمل رحلة الحياة.
أي حياة تلك قد تكون !!!
تعلمت وتربيت ونشأت على أن أكون متسقا مع ذاتي وأفكاري ومعتقداتي وأخلاقي وعاطفتي  ، وعلمت أن كل ذلك هو الوقود الذي تسير به قاطرة حياتي ..
كيف تستمر قاطرة حياتي بخلل أصاب صميم القلب فأرداه صريعا!!
كيف تستمر القاطرة في المسير بدونك أو بغيرك بعدما احتواك القلب وحدك حتى لم تتركي فيه مثقال ذرة لأنفاس تبقيه على قيد الحياة من دونك ..
نعم أشعر بإحباط لم أشعره من قبل.
نعم هو الإكتئاب الكبير.
أنا عالق في حبك بين نسمات لقاء بات صعبا جدا ، معلق بأغلال ابتعاد ثقال تكبلني كلما حاولت الاقتراب.
أردت الاقتران بك في حياتنا الأولى وفي الآخرة فأصبح المكان الذي يحتويك منطقة محظورة لا ينبغي لي الاقتراب منها.
لماذا بنيت كل تلك الأسوار بيننا وليس على الأرض مخلوق يستطيع إسعادك مثلي؟!
أهو كبرياء المبدأ الذي تعيشين من أجله وعاشت من أجله كل نساء الأرض التعسات؟!
حب الامتلاك!
إن بعض المبادئ عيب خصوصا عندما تتعلق بمراعاة الآخرين الذين لا يشغلهم أمرنا إلا من باب ثرثرة النساء.
أمن أجل ثرثرة نساء تقضين على سعادة قلب امتلأ بك حتى الموت دونك؟!
نعم أنا أفكر بصوت عال .. أناقش نفسي .. أراجع ذاتي .. فلعلي أعرف سببا غيرك أصابني بالإكتئاب..
أنت لست رغبة تتوق نفسي إليها ثم تنتهي الرغبات .. لو كان الأمر كذلك يكفيني الابتعاد عنك ثلاثة أيام حتى أنساك ويصبح من الصعب تذكر ملامحك بعد ثلاثة أسابيع ويصبح تذكر اسمك بعد ثلاثة أشهر من رابع المستحيلات .. لكنها يا حبيبتي ليست رغبة فقط فيك إنه شعور أصيل صعب جدا أن تحتويه الكلمات إنني أريد أن أشاركك كل لحظات الحياة وكل مفردات الكلام وكل أنفاس الهواء.
إن الموت بين يديك أحب إلي من الخلود بعيدا عنك..

مصطفى إسماعيل

الأربعاء، 21 مارس 2012

إدوارد الذى كنا نناديه بلبل

 كان "بلبل" فى نفس عمرنا ولكنه كانا ضعفنا طولا وكان طوله غير متناسق وكان كل أخوته طوالا جدا وبشكل غير متناسق أيضا وكان أبوه طويلا بشكل غير متناسق وكانت أمه قصيرة سمينة بشكل غاية فى عدم التناسق ..
كانت عائلة كربونية متشابهة النسخ إلا الأم فكانت مختلفة تماما وقد وفدوا على شارعنا وسكنوا فيه فى هدوء وقد اكتشفتهم فجأة رغم أن الشارع لا يعج بالسكان مثل اليوم وكان سكان الشارع يعرفون بعضهم بعضا.
كانوا ينادونه فى البيت "بلبل" وكنا نناديه فى الشارع "بلبل" فى المرات القليلة التى كان يشاركنا فيها اللعب .. وكانوا ينادونه فى المدرسة "إدوار" ويكتبون اسمه "إدوارد" .
كان "إدوارد" صامتا دائما خجولا منطويا ولا أذكر أنى سمعت صوته غير مرة أو مرتين و كان له ابتسامة حزينة تثير الشفقة وكان يحب أن يشاهدنا ونحن نقوم بتمثيل أفلام فؤاد المهندس خصوصا سلسلة أفلام "مستر إكس" وكان جارى إبراهيم يؤدى دور المخرج وكان يكبرنا بعامين وكنت أقوم بدور البطولة دائما حتى أن البعض ظل ينادينى لفترة طويلة  "إكس" وكنت أقتل الجميع وأضربهم فيقعون على الأرض قتلى وكان إذا أطلق أحدهم علىَ النار " يعنى نشن عليا وقال طاخ طاخ !!" يبقى يومه أسود من المخرج ويعيد المشهد من جديد ...
وكان المخرج الصغير سبابا لعانا سليط اللسان وكان ألثغا فى عدة حروف فينطق الجيم دالا والسين ثاء والراء لاما وقد انتهت هذه اللثغات عندما كبر وكان أحمقا سريع الغضب .. أذكر أننى مرة قررت أن أقلده فأشتم  وكان ذلك صعبا جدا  على نفسى فرغم شقاوتى لم أكن سبابا ولا أحب السباب ولا أقبل أن يسبنى أحد .. وبعد تردد طويل سببت أحدهم بلا مبرر سبة فظيعة بمقاييس أطفال ذلك العهد وأخلاق ذلك العالم ولسوء حظى كان يقف خلفى إمام المسجد - رحمه الله - فكاد يخلع أذنى فى يديه التى ظلت حمراء طول اليوم وعندما سألنى أبى عن سبب ذلك الاحمرار فى أذنى استحيت أن أخبره فيعرف أننى أنطق مثل هذه الألفاظ ومنذ ذلك الحين لم أنطق بتلك السبة مرة أخرى وإن كنت نطقت فيما بعد بأنواع أخرى من السباب غير الموغل فى القباحة.
كان أخو "بلبل" الأكبر قد اتخذ "دكانا" صغيرا فى أحد الشوارع المجاورة ووضع فيه بعض الحلوى والمشروبات الغازية ليبيعها وكان قليل الزبائن قليل المكاسب والغريب أن هذا "الدكان" لم يتطور إلى الآن فكأنه شكلا تجريديا فى شارع مزدهر وما زال خارجا عن المألوف مثل هذه الأسرة التى غادرت الشارع منذ زمن طويل فلم أر "بلبل"  شابا أبدا .. وكنت إذا ذهبت لشراء شىء من ذلك "الدكان" أعطيه النقود وأطلب ما أريده ويعطينى الباقى دون أن يتفوه بكلمة ..
كانت عائلة تجيد الصمت فلم أسمع صوت أبيهم أبدا ولا كل أخوة "بلبل" غير مرات قليلة جدا عندما كانت الأم تنادى "بلبل" وهو يلعب معنا فتقول مرة واحدة: "بلبل" وتمضى إلى البيت ويعود صاحبنا خلفها ملبيا دون حتى أن يقول "نعم".
كنت أجيد إطلاق الأسماء على الآخرين و كل من أعطيته اسما قد التصق به إلى الآن وكانت عادة الناس أنهم يطلقون على السمين "فتلة" والقصير "نخلة" والصامت "بلبل" لعله يغرد يوما.
لكنى كنت أطلق أنواعا أخرى ساخرة من الألقاب كانت من النوع اللاصق الذى لا يفارق صاحبها أبدا.
كانت أم "بلبل" ترتدى ملابس سوداء دائما وكانت دائما حزينة كذلك كل هذه الأسرة دائما عابسة ... وكانت هذه الأسرة بسمتها هذا تثير فضولى وتساؤلاتى وشفقتى أيضا وعندما مرض أبو "بلبل" وقطعت رجله لم نلاحظ فرقا فى وجوههم وعندما توفى بعد ذلك بشهور لم نلحظ أى تغيير على تلك الوجوه ..  فقد وصلت هذه العائلة لدرجة من الحزن ثابتة لا تطرد ولكنها عميقة وكأنهم يخفون فى صمتهم آلاما صعب على مثلى فى هذه السن فهمها.
كانت هذه الأسرة بمثابة مأتم صامت فى داخل فرح كبير محيط من كل الاتجاهات فلم ينشغل بهم أحد ولم يشغلوا أنفسهم بأحد .
قررت مرة أن أشرك "بلبل" معنا فى لعبة الأفلام التى نمثلها وطلبت من المخرج أن يلعب "بلبل" مكانى وذهبت لأقنع "بلبل" بالفكرة وبعد تشجيع كبير منى ومحايلة طويلة وافق على أداء الدور..
شخص بهذا الطول غير المتناسق وهذا الصمت الحزين الذى لا يبدو منه إلا بسمات قليلة كان لا يجيد اللعب وكان بطيئا فى حركاته بشكل أغرى الجميع بالضحك والسخرية منه لدرجة أنه حاول الانسحاب أكثر من مرة وكنا نتأسف له وندفع المخرج ليسب الأولاد حتى لا يكرروا هذا ونعيده للمشاركة مرة أخرى ...
لم يعد يبتسم وكان يتحرك بخجل شديد .. كنت أراقب المشهد فلست لاعبا فيه .. تجرأ أحدهم وأطلق عليه النار من مسدسه المحشو بالماء " طاخ .. طاخ .. طاخ !!" سقط  "بلبل" وانهال المخرج على القاتل بالسباب وأراد أن يعيد المشهد مرة أخرى لكن " إدوارد" مازال ملقيا على الأرض ..
يناديه المخرج ليقوم ليستكملوا اللعب لكنه لا يتحرك ولا يجيب .. كانت قناعتى فى هذا المشهد أن "بلبل" يجيد تمثيل الموت أكثر من لعب الحياة ...
جاءت الأم ونادت "بلبل" ثم مضت ...
تجمع الناس وابتعد الأولاد فى دهشة وذهول ووجل .. اقتربت منه .. لم أكن أسمع كلام الناس ساعتها .. فقد كان الصمت يصك أذناى ..  لم أر فى وجهه غير ابتسامة خفيفة وعينين مغمضتين وكان جسده لا يتحرك ..  حاولت دفعه .. إدوارد .. إدوار .. إدوار .. أمك نادت عليك ... قم حتى لا تغضب منك ..
بعصبية دفعته ... خلاص !!  انتهى اللعب ..
 سحبنى إمام المسجد برفق لأخرج من حلقة الناس حوله .. وقفت مع بقية الأولاد الصامتين المذهولين الوجلين ونظرت لإبراهيم وكان الوحيد الذى يجهشه البكاء.

مصطفى إسماعيل

الثلاثاء، 20 مارس 2012

حضر قفاك


حضر قفاك وياك وانت رايح تنتخب .. واعمل له عمرة لطيفة صغيرة .. مشى عليه الليفة وصلحه بالسنفرة .. عشان نشارك كلنا فى المسخرة .. واختار فلول أو عسكرى يللا رجعنا وره .. لا تقول برادعى ولا حمدين وأبو الفتوح يا راجل بلا حرية بلا كرامة بلا عدل دى حاجات فشخرة !!!!!!!!

حضر قفاك وياك وإياك تفرط فيه .. أصل القفا لو ضاع وشك تطول لياليه.. وتحط جزمة فى بقك ولا حد يسمع لك صوت .. ما انت طول عمرك ميت هنخاف عليك م الموت .. حضر قفاك وياك وإياك تفرط فيه ... وخد له صوره معاك أحسن تتوه معانيه .. للذكرى راح تفتكر الظلم اللى عشش فيه....

حضر قفاك وياك والبس بلوفر شيك .. وقميص بياقة قصيرة علشان تبان مآسيك .. فى اليوم ده بس الكل ف انتظار معاليك .. وبعدها يا جميل الدنيا تشمت فيك .. حتى اللى كان يستحى بكره يغلط فيك .. وبكره زى امبارح بالجزمة راح يديك.

مصطفى إسماعيل

الاثنين، 20 فبراير 2012

شجرة التوت ... (لمحات من الذاكرة)


كانت الدموع تنساب من عينى " أم عطية" وهى جالسة على كرسى فوق الرصيف تتأمل فى حسرة هؤلاء الرجال الذين يقطعون الشجرة الضخمة على طرف ذلك الفضاء المجاور لمنزلها وكان هؤلاء الرجال يمزقون ذكرياتنا صفحة صفحة بقسوة شديدة ثم يكدسونها على عربة نقل لتلقيها فى مكان مجهول لا نعلم عنه شيئا إلا كونه بعيدا .... وما هى إلا أيام قليلة حتى بدأ يرتفع بناء جديد أفقد هذا المكان رونقه وروعته وقضى على ما تبقى منه فى نفوسنا...
لم نعد بعدها نلعب فى هذا المكان ولا أدرى إن كانت "أم عطية" تبكى على الشجرة أم على ذكرياتها معها أم تبكى وحدتها ورحيل العفاريت ... كل شىء أحبته قد فارقها .. ولم يتبقى لتلك المسكينة إلا رحمة الله.

شجرة توت عتيقة ضخمة كثيفة الأوراق كثيرة الفروع عالية جدا ثمارها من التوت الأحمر والأسود وكانت ظلالها وارفة إذا وقفت تحتها يداعبك نسيم عليل حتى فى أشد الأيام حرارة.

كنا صغارا نهوى اللعب عندها ونهوى تسلقها بحماسة شديدة ونتسابق فى أينا يستطيع الوصول لأعلى فرع فيها فى أقصر وقت وكنا نحب البقاء أعلاها وتناول ثمارها دون غسل الثمار... وكان تناول ثمار هذه الشجرة سببا وجيها لأن أستمع لأسطوانة أمى اليومية حول الحشرات والكائنات التى تزحف على هذه الثمار وما قد تسببه لى من أمراض وكانت النتيجة الحتمية للتخلص من هذه الأسطوانة وذلك العزف المنفرد هو شرب كوب اللبن الكبير دون امتعاض أو اعتراض .. كان كوب اللبن بالنسبة لى عقابا كبيرا أتقبله على مضض لكن بتسليم تام لتهدأ عاصفة أمى.

وفى اليوم التالى وقبل خروجى للعب تضع أمى أسطوانة أخرى تحذيرية من أكل ثمار التوت دون غسيل وتتوعدنى بالعقاب إذا فعلت .. أمى إذا تكلمت تحب أن تكمل حديثها حتى النهاية فأطبع قبلة على خدها فى تملق واستعطاف وأنسحب قبل انتهاء الأسطوانة مبتسما فقد كانت عصبيتها من النوع الظريف المفعم بطيبة القلب.

كانت شجرة عظيمة تبعد عن شارعنا بعدة شوارع وكانت ملعبنا فى الربيع وقد تنوع لعبنا حسب فصول السنة .. للشتاء ألعابه وللصيف ألعابه وللخريف والربيع ألعابهما.

 كانت الشجرة ملعبنا الربيعى وكانت "أم عطية" لعبتنا طول السنة.

و"أم عطية" هذه عجوز طاعنة فى السن صغيرة الجسم فى ظهرها انحناء الشيخوخة وكانت بدوية غريبة الثياب واللهجة فتجد كل ألوان الربيع فى ثوبها وكانت شريرة وطيبة فى نفس الوقت فإذا أظهرت لك شرها فأنت هالك وإذا انهالت عليك بحنانها فأنت محظوظ.

كانت تسكن فى فيلا صغيرة قديمة جدا متهالكة أشبه ببيت الأشباح وكان الأثاث الظاهر من نوافذ الفيلا المحطمة عبارة عن كراكيب مكسرة كأنما جمعت من بقايا بيوت شتى وكانت تعيش فى فيلاتها المجاورة لشجرة التوت بمفردها فلا نعرف لها أهلا إلا هؤلاء الغرباء البدو الذين كانوا يزورونها قليلا ربما مرة أو مرتين فى السنة.

وكانت "أم عطية" هى الراعى الرسمى لشجرة التوت رغم أنها لا تملكها فالشجرة تقع فى الطريق العام فهى ملك للجميع .. فإذا رأتنا نلعب إلى جوار الشجرة تخرج خرطوم المياه وتغرق الشارع وتنهال علينا بالسباب وتطردنا من هذا المكان .. كنا عابثين غير عابئين بها وكانت تسليتنا أحيانا وربما كنا نحن أيضا تسليتها ..

كنا نقابل شرها شرا ونقابل خيرها شرا أيضا فكانت عصابتنا لا تعرف الرحمة.

تتكسب "أم عطية" منا .. يعطيها الواحد منا قرشا فتسمح له بتسلق الشجرة وتناول التوت لعشرة دقائق ولم تكن تملك ساعة ولكن كانت الدقائق العشر تمر سريعا علينا وبطيئة عليها ..

تنادى "أم عطية" : انزل يا حسام ..  لا ينزل حسام
تلتقف حجرا وترميه به يخطئه فترميه بحجر آخر وهكذا حتى ينزل حسام ..

تنادى "أم عطية" : انزل يا أشرف ..  لا ينزل أشرف
تفعل معه مثلما فعلت مع حسام حتى ينزل أشرف

انزل يا خالد .. لا ينزل خالد فتفعل معه ما فعلته مع زميلاه .. لكن خالد هذا كان شيطانا صغيرا لا يطيعها أبدا ..

منذ أن أصابنى حجرها مرة حافظت على أن أعطيها خمسة قروش ليكون وقتى مفتوحا وقد ظل أثر هذا الحجر فى نفسى بضعة أيام قد عدت بعدها أتسلق الشجرة بقرش واحد فقط وأجننها بقية الوقت.

أما "مازن" فكان يأخذ معه بعض الأحجار ليقذفها عليها عندما تبدأ مدفعيتها فى الانطلاق .. وكان لا يأكل التوت ولم تفلح محاولاته فى إقناعها بذلك فقد كانت قناعتها أن قروشنا ثمنا للتسلق وتناول التوت ولا يعنيها سواء أكلت أم لا.

"على" كان سمينا لا يستطيع التسلق وكان يصعد جزءا يسيرا من الشجرة وكان هو الرهينة دائما لديها تساومنا عليه وكنا لا نعبأ بتحريره.

وكان "على" رغم ذلك فتاها المدلل تعطيه أحيانا فى أوقات رضاها بعضا من الحلوى وكان هو أرفقنا بها.

بالنسبة لى تمثل "أم عطية" الساحرة الشريرة فكانت شديدة الشبه بها إضافة إلى بيت الأشباح الذى تعيش فيه وما أثير حوله من قصص مرعبة بين الناس عن احتراق ابنها عطية وزوجته قبل زمن طويل وكنا نرى آثار ذلك الحريق فى المظهر الخارجى لهذا البيت الذى يبدو أنه احترق منذ ألف عام.

كانت "أم عطية " غريبة الأطوار وقد رأيتها كثيرا تكلم نفسها كأنما تحدث أشخاصا آخرين وكانت تحفظ أسماءنا جميعا لكنها أحيانا تنادينا بأسماء غريبة..

أذكر مرة انها نادت "عليا" باسم "بريَِك" وكانت أول مرة أسمع مثل هذا الاسم فكنت أناديه به زمنا طويلا وكان يضيق بذلك جدا.

كان هناك وقت للهدنة بيننا وبينها فتنادينا فيه فنتجمع حولها فى داخل سور البيت فتحكى لنا بعض الحكايات ولا تخلو حكاية لها من قصص العفاريت والثعابين وكنا نسمع ونتخيل فترى عقولنا ما لا تراه أعيننا وكنت أسألها عن العفاريت بشغف شديد فكنت أهوى التفاصيل .. وكان لدى شغف أن أدخل بيتها لأرى العفاريت .. وكان كل عفاريت "أم عطية" طيبين لدرجة أننى أحببت وقتها العفاريت .. ربما كنا نحن أكثر شيطنة من عفاريتها وخصوصا "مازن"...
وكانت "أم عطية" بارعة فى وصف الثعابين وشيطنتها لدرجة أنى كنت أغلق عينى عند وصفها للثعبان فى قصصها كان بشعا حقا.. وكان إذا ما حرك الهواء شيئا بجوارنا تلفتنا فى كل الاتجاهات من حولنا خشية هجوم الثعابين علينا .. كانت معرفتنا بالثعابين محدودة فقط من خلال حكاياتها وبرنامج عالم الحيوان الذى كنا نشاهده فى التليفزيون يوم الجمعة.

ارتباطنا بأم عطية كان شديدا فكنا إذا مرضت بكيناها وإذا شفيت رميناها بالأحجار دون أن نصيبها لأننا لم نرد أن نؤذيها .. وضايقناها ببعض الأغنيات .." روح لأم عطية وقول لها عبد الواحد بيحبها ..." وكنت أتساءل فى نفسى .. من عبد الواحد هذا ؟! ..

كان الناس يحتالون فى تقديم الصدقات لها فلم أر أفقر منها حالا ولا أغنى منها نفسا ..

كنت أهوى تسلق الشجرة حتى نهايتها وكنت أهوى الاستلقاء على فروعها الكبيرة وكانت الشجرة تعج بالأطفال فى أعلاها وتمتلىء الأرض بالأطفال الواقفين تحتها ..

بينما أن مستلق على أحد الفروع الكبيرة نظرت للفرع المقابل لى وكان متواز مع الفرع الذى استلقيت عليه يرتفع عنه قليلا لكنه قريب جدا منه رأيت أول ثعبان فى حياتى وكان قد التف حول نفسه فوق الفرع فى هدوء شديد ربما كان وجوده هناك أسبق من وجودى .. لم أفكر كثيرا بل لم أفكر أساسا ألقيت بنفسى من فوق الشجرة .. لأصطدم بالأسفلت فاتحا فمى دون صوت لحظات تحولت فيما بعد لصراخ شديد فقد كسر ذراعى الذى ظل فى الجبس لأكثر من شهرين لم أستطع خلالها أن أتسلق الشجرة ولم أرد تسلقها فقد آمنت أن الثعبان يسكن هذه الشجرة ..

غبت عن الشجرة أياما فقد صدرت الأوامر بعدم اللعب بالشارع فكنت بين البيت و المدرسة رهينا .. جاءت "أم عطية" تزورونى .. وكانت قد سألت عفريتها المدلل   "عليا" عن بيتى فدلها عليه ... كانت تعرف أن فزعى الشديد من الثعبان نتيجة حكاياتها .. رأيت شعورا بالأسى يملأ عينيها وهى تنظر لى بحنان شديد كأنما ينفطر قلبها .. تذكرت ساعتها عندما حاولت مرة أن تعطينى بعض الحلوى لكننى رفضت فقد كانت نفسى تأبى تناول شىء من يدها..

لقد كانت ساحرة طيبة القلب .. وقد كانت أفكارنا متباينة ومشاعرنا متباينة وتصرفاتنا متباينة.

جاء الصيف وانتقلت معه ملاعبنا إلى الشاطىء غير أننا من وقت لآخر نذهب فنستمع لحكاياتها وكانت تسمح لنا بتسلق الشجرة فى ذلك الوقت مجانا لإغرائنا باللعب فى هذا المكان فقد كانت تفتقدنا فى الصيف.

كان مازن يشاركنى الشغف برؤية العفاريت وكنا نخطط كيف ندخل بيت الأشباح هذا ولكن الأمر صعب جدا فالأشباح تظهر فى وقت متأخر من الليل فى بيتها حسب الروايات السائرة بين الأطفال ونحن فى مثل هذا الوقت لا يسمح لنا بالخروج من البيت.

سنحت لنا الفرصة فى شهر رمضان حيث كنا نصلى العشاء والتراويح ثم نلعب الكرة فى الشارع بعدها نعود للبيت .. قررت أنا ومازن ألا نلعب الكرة فى ذلك المساء وأن نزور "أم عطية" التى لم ندخل بيتها من قبل إلا ذلك السور المتهدم المحيط بالبيت فقد كان بلا باب وكنا نجلس فى داخله لنستمع لقصصها .. أما داخل البيت فلم يدخله أى منا ولذلك كان الجميع يصفه من وحى خياله فهذا يتحدث عن سرداب فيه يوصل لعالم الجن وذاك يتحدث عن وجود قصر جميل بناه الإسكندر الأكبر مدخله خلف دولاب ملابس "أم عطية" .. كانت "أم عطية" وبيتها مرتعا للأساطير.

دخلنا نقدم قدما ونؤخر أخرى فلم نكن نخاف من العفاريت ولكن خوفنا كان من "أم عطية" ذاتها .. كان بيتا مظلما تماما فلا نرى فيه مصباحا واحدا مضاء لكننا عندما نظرنا من النافذة كنا نرى رغم الظلام .. ترددنا فى الدخول وعدنا إلى خارج السور ومضينا إلى بيوتنا..

بعد بضعة أيام قررنا تكرار المحاولة .. وكان معنا فى تلك المرة صديقنا خالد .. ببطء شديد دخل ثلاثتنا من باب البيت المفتوح  ثم بدا لنا ضوء خافت لمصباح صغير من إحدى الغرف وكان بابها مواربا نظرنا فى هدوء فى الغرفة فلم تكن أم عطية بها ودخلناها لعلنا نجد السرداب المؤدى لعالم الجن ..

أقبلت "أم عطية"  على باب الغرفة وفى يدها عصا خشبية تهدد بضربنا بها إذا لم نخبرها بسبب مجيئنا وماذا نريد أن نسرقه منها...
كنت خائفا جدا منها وأخشى أن تنال منى عصاتها .. لكنى تذكرت تلك النظرة الطيبة التى رأيتها فى عينيها عندما زارتنى فى بيتى وقلت لها نحن لم نأتى لنسرق شيئا فأنت لا تجدى طعاما وليس لديك شيئا يسرق..
مازن: لن تصدقنا فأنا أعرفها .. كنا خائفين منها حقا لكن خالد كان يرتعد من الخوف وقال : "أنا ماليش دعوة .. احنا جايين نشوف العفاريت بتاعتك" ..
ضحكت أم عطية بشدة ..
وقالت: تريدون معرفة مكان العفاريت؟
أطرقنا منتظرين أن تدلنا على مكانها ..
قالت: إنها على شجرة التوت
هل جربتم تسلقها ليلا؟
وأخذت تضحك من جديد ..
بدأت أشعر ومن معى بالعفاريت تملأ المكان
لم نر أيا منها
كنا نتحرك ببطء نريد الخروج ....

وما أن سنحت الفرصة حتى انطلقنا وفى لمح البصر كنا قد ابتعدنا عن بيتها ..

تخفق قلوبنا بشدة حتى أننا نسمع عزفها .. توقفنا وجلسنا على الرصيف لكن العزف مازال مستمرا .. ثم ضحكنا بشدة فرحة بالأمان .. كما غمرتنا سعادة كان مصدرها تلك اللذة بدخول بيت الأشباح ..

لا أدرى لماذا أتذكر "أم عطية" الآن .. لكنى وأنا أسترجع بعض الذكريات عرفت أننا كنا تلك العفاريت التى أحبتها  ..

سمعت بعد شهور قليلة من قطع شجرة التوت بموت "أم عطية" وحيدة وقد اكتشف الناس موتها بعد أيام من الوفاة.


مصطفى إسماعيل

الخميس، 9 فبراير 2012

تأملات الفراق

عندما أتأمل ما يحدثه غيابك فى نفسى من تداع لمعانى الشوق والحرمان واليأس والإحباط أتورط فى الدخول إلى عالم ما كنت أعرف عنه شيئا قبل غياب عينيك .. أشباح الأفكار تنشط فى ظلام حالك يلف الكون بصمت رهيب .. عقلى يغيب .. روحى تغيب .. وقلبى بين الشجون أسير حائر فى زمن عجيب .. منفي عن الشمس أعمى أتلمس دربا وعرا سرمديا تتحسس يداى نقوش اليأس فى جدرانه وتتعثر قدماى فى حفره ... فأسقط دون أن تقوى قدماى على النهوض مرة أخرى .. ثم تأخذنى سنة من نعاس  .. فتأتينى فى حلمى كعادتك ملاكا يبدد كل الظلام ... فأفيق بعد وقت قصير  .. أحاول دس رأسى فى الحلم ثانية لكنى أفشل أن أنام .. هكذا غيابك يهزمنى  ..  يقهرنى  ... ويبدد فلول النوم فى عينى ..يا ويلى ..  حتى جنة الحلم يسلبها جحيم اليقظة.


"مصطفى إسماعيل"

الاثنين، 16 يناير 2012

عيون حبيبتى الحزينة



عهدت فيك يا حبيبتى طفولة وبراءة ودلالا .. وضحكة تملأ الكون جمالا .. وعيون تبتسم فلا أدرى أمتأمل أنا فى حسنها أم راهب زاده العشق فى محراب عينيك ابتهالا ...

فمالى أرى عينيك الآن حزينة رغم ابتسامك .. والحزن يا عمرى لم يخلق لك ولا ينبغى بمقامك .. إن كانت الشفاة بالعقل معقودة فإن العيون برباط القلب موصولة والقلب محل أحلامك .. ألا فافرحى يا زهرة فلا شىء عندى أغلى من فرحة تشدو بها أيامك .. أشتاق لابتسامة عينيك فأنا لا تغرد خواطرى أبدا إلا على على أوتار أنغامك ..


مصطفى إسماعيل

الأربعاء، 11 يناير 2012

مكتوب عليكي يا مصر




مكتوب عليكي يا مصر


مكتوب عليكي يا مصر
 ثورة من شوطين
 شوط ترفعي راسك
وشوط تشنقي فيه الفاسدين
والتمن زهرة شبابك
أسيادنا وأسيادك
الورد اللي فتح زين الميادين

مكتوب عليكي يا مصر
ترفعي راسك
وتشربي النصر
وتفرحي ناسك
وتسقي الجبان
والفاسد والمخلوع
والمشين واللعين
المر في كاسك
أصيلة يا مصر
جميلة يا مصر
وأحرارنا حراسك

مكتوب عليكي يا مصر
تكملي دينك
ومين هيحصنك
يا ست المحصنات
غير الأبرار الأحرار
اللي دمهم
بيروي حاضر ومستقبل
بساتينك
لو تسأليني
مين أنا
واحد كل أمله
دمه يسيل
على طينك

مصطفى إسماعيل

السبت، 7 يناير 2012

الآمال الضائعة


قالت له:
أنت .. توقف ..
أعطني الآمال ثم استدر
هيا اذهب لا أريدك
فإلى أي شيء تنتظر
كف عن هذا الهراء
فلست أنت ذاك الفارس المنتظر
صرخة في النفس كانت تحتضر.
وتسلل اليأس وفي النفس انتشر .
وجبال أوزار الهوى حملتها وحدي
فدعوت ربي أني مغلوب فانتصر.
ونفيت عن قلب الحبيب
فكيف لي أن اصطبر.
وطردت من جناته
لجحيم شوق مستعر.
فالحب في هذا الزمان ضمير مستتر.
أخفيه في أعماق قلب كبير منكسر.
تاهت به الأحلام
في ليل فراق معتم مستمر.
وتلكم الآمال بارت
 في سوق يأس مزدهر.

مصطفى إسماعيل

الجمعة، 9 ديسمبر 2011

أحبك



رأيتك بفرحة طفل صغير
 أقبل يوما عليه الزمن
 يداعب قلبى شعور أصيل
ويملأ نفسى الرضا والأمل
 وخامر فكرى صراع كبير
 يسكت لسانى
ويمحو الأمانى
 وأصير فريسة للأسى والحزن
وتذهبين
 كأنما أدبر عنى الزمان
 ويأتى الشجن ..
وقد تركت فى شغاف القلب صورتك
 روعتك
 رقتك
حسنك
 وجبال أشواق إلى تكرار رؤيتك .

مصطفى إسماعيل

الأحد، 4 ديسمبر 2011

اشتياق



أنتظر كل صباح جديد حتى أراك وأختلس من العمر لحظات أنعم فيها بالنظر إلى تلك العينين الساحرتين فأغدو بالأمل وأعود باليأس وبين الأمل واليأس تقف أسوار عالية رفعتها حوادث الدهر لتلجم لسانى وتقيد خطواتى . تبوح عيناى بمكنون قلبى و ترتسم صورتك على وجهى وألتقيك فى أحلامى وأفيق من نومى مبتسما مشرق النفس فكم تمنيت أن أمضى ما تبقى لى من العمر فى براح قلبك ، ويأتى المساء ويعزف ألحانه الحزينة ويشدو بترانيم ثقيلة فتضيق نفسى رغم اتساع الفضاء من حولى . وكلما حاولت أن أتلهى عنك بشىء أو أشياء يعاودنى الشوق  إليك فأنا أسير هواك.

كم أنت جميلة حقا قلبا وقالبا ... آه جميلة جدا فعندما أنظر إليك يرتفع مقياس الجمال فى عينى ليصل مداه فيكاد المؤشر يحطم عينى فأبادر إنقاذا لبصرى بالنظر لكل الأشكال القبيحة من حولى فأجدها من إشراقة وجهك عليها قد تحولت من القبح إلى الجمال .. أظل هكذا على هذه الحال.. هذا ما أصاب عينى من إشراقتك أما نفسى فقد أصابها جراء حبى لك زلزال .


مصطفى إسماعيل

الاثنين، 21 نوفمبر 2011

مكتوب عليكي يا مصر


مكتوب عليكي يا مصر

مكتوب عليكي يا مصر
 ثورة من شوطين
 شوط ترفعي راسك
وشوط تشنقي فيه الفاسدين
والتمن زهرة شبابك
أسيادنا وأسيادك
الورد اللي فتح زين الميادين

مكتوب عليكي يا مصر
ترفعي راسك
وتشربي النصر
وتفرحي ناسك
وتسقي الجبان
والفاسد والمخلوع
والمشين واللعين
المر في كاسك
أصيلة يا مصر
جميلة يا مصر
وأحرارنا حراسك

مكتوب عليكي يا مصر
تكملي دينك
ومين هيحصنك
يا ست المحصنات
غير الأبرار الأحرار
اللي دمهم
بيروي حاضر ومستقبل
بساتينك
لو تسأليني
مين أنا
واحد كل أمله
دمه يسيل
على طينك

مصطفى إسماعيل

الجمعة، 18 نوفمبر 2011

خطوتان


بينك وبينى خطوتان
اثنتان
الأولى تأخذنى قدمى إليك
ببراءة طفل صغير
عنيد
نحذره .. ونزجره
ونضع الألعاب الحلوة
نشغله
نحاول مرة بعد المرة أن نفتنه
حتى يتراجع
أبدا أبدا لا يوجد شيئ يرجعه
أحضرنا كل الألوان
ورسمنا فراشات
وزهورا وطيورا
تشدو فى البستان
وهو ما غير وجهته
طفل لا يدرى بوصلته
يسبح فى عينيك
ويبتسم
عيناك تغرقه حنانا
أحيانا
عيناك تقسو
وتنهره
يحاول أن يخطو ثانية
أو يحبو
والأمل يتراءى لعينيه
وهو لا يدرى معنى الأمل
خطوته قد تهدم سورا
قد تبقى نورا
قد تنبت أشجارا وزهورا
وتشيد بيوتا وقصورا
قد تشبك يدك فى كفيه
برباط حلال موصولا
تنزلق القدم ولا يقع
ينتظر قد تخطو إليه قدماك
يشعر حركة رجليك
ينظر إليك ويبتسم
ينابيع الفرحة فى عينيه
تروى خدين
تكتب اسمين
بماء و ورود ترتسم
قدماك سبقت خطوته
تقترب كثيرا فرحته
أنوار الكون تخايله
وهو لا يدرى
قدماك جاءت تركله

مصطفى إسماعيل

الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

حسبك حبيبتى


حسبك حبيبتى
لا تهددينــــــا
فلم نقترف إثما
حتى تتوعدينـــــا
ولم نخدش حياءك
ولم نلمس وقارك
ولا نقبل بذلك
فلماذا تزدرينا
فإنا لسنا من الجبناء أبدا
وليس الجبن صفة تحتوينا
فإنك إن أنفذت قولك
كان أهون من أن تنذرينا
فإن الدهر كان قد بلونا
فصبرنا وأبدا لا نلينا
وذقنا حلوه زمنا طويلا
وعلى العزة قد ربينا
والضعف لا يعرفنا حتى
نطيعه ونحنى الجبينا
ولا يرهبنا قول أو فعال
لكن خسارتك أعظم ما ابتلينا
فإن كنت جاهلة بنا
فعليك إذن أن تعرفينا

فإن كنت قد آيقنت أن الجبن صفة لنا
فقد أيقظت وهما كنا فيه قد غشينا
فقد كنا نمنى النفس فى هواك
لعلك يوما تقبلينا
وكنا نظن رجما بغيب
أنك فى ساحة العشق تبادلينا
فكانت رسائلنا ترانيم لشمس
غابت يوم صرت تهددينا
فإن كنا الآن قد أوقفنا رسائلنا
فليس لخوف يعترينا
لكنا الآن قد أيقنا أن قلبك
ليس يتسع ليحتوينا

فالمرأة الحرة أبدا لا تحب الجبناء
ولسنا كذلك إلا إنك منهم تحسبينا
وأبدا سيظل القلب معلقا
بصورة رسمناها بشعور أطغاه الحب فينا
صورة أوقفت الزمان
لحدود رسالة ظننتى بها أن ترهبينا
صورة ما زلنا نعشقها
فما كنا للحب يوما منكرين
صورة لم تعد تشبهك
ولا تتغير وأنت تتغيرين
فاعذرى قلبا هواك
إن كنت للأعذار تقبلين

مصطفى إسماعيل

الخميس، 10 نوفمبر 2011

مصرع النهار


شمس تغيب !!
 فيلقى ذاك النهار في قلبي مصرعه
 بلا عزاء ولا مراثي تودعه
فقط  وحده الصمت الأبدي يلف الفؤاد وينزعه
ومراسم النور يتلاشى شعاعها
 في جعبة ليل كفيف أصم
 لا يرى الأمل ولا يسمعه
فيا لعذاب الروح ، وضلالة العقل
 في برزخ كئيب مظلم
لم أحاسب فيه ولم ينادى بكتابي فأرفعه
وأراني مشدودا كل صوب
 ومنقذي غاب عني مطلعه
فأصرخ عله يأتي
 فإذا به يغلق عني مسامعه
 فأدرك أنني مت
ولا بعث قريب للنهار فيرجعه
فترد روحي عليَ مصفدة
 ترتدي جسدي ساعة وساعة تخلعه 
ياله من ألم رهيب !!
 بُعد الحبيب 
 ما أفزعه 
 يموت الناس مرة
 أما أنا
 فقد جعلني الموت عند كل غروب
 لعبته ومرتعه !


مصطفى إسماعيل

الثلاثاء، 8 نوفمبر 2011

انتـفـــــــاء الحـــــب

فى مساء يوم من أيام الغربة ركبت "تاكسى" عائدا من العمل إلى البيت , وكان السائق من أبناء الصعيد وكان متألما محطم القلب قص علىَ قصته ولا أدرى لماذا قصها علىَ ، ورغم أنى كنت فى مزاج سىء وبطبعى لا أحب أحاديث السائقين والحلاقين لكنى انفعلت معه وتأثرت بمشاعره الصادقة وحزنه العميق وانكسار قلبه وكنت أستمع إليه فقط  دون أن أشاركه الحديث بينما آلة الخيال لدى تعمل بكل طاقتها وتيار الوعى يتدفق فى هدوء كالوقود الذى آنس فى نفسى قبس من نار فارتفعت ألسنة اللهب داخل وجدانى فكان حديثه بمثابة مونولوج داخلى لكنه مسموع  فصغت المشهد الأخير من قصته كما تخيلتها فى السطور الآتية علنى أكون صادقا فى نقل هذا الشعور وإن كنت قد سكبت عليه بعضا من ذاتى .


انتـفـــــــاء الحـــــب

قالت :
           أنت وهم سيطر على وجدانى أنت سراب بين العاشقين

          صنعتك بقلمى ورسمت ملامحك بقلبى بين أحزان وأنين

          فإن كنت قد أحببتك يوما فقد بات ذلك من أساطير الأولين

          كذبة كان هواك فقد علمتنى أن لا أحب  الخائنين      

          فاليوم قد غادرت قلبى بلا ذكرى ولا عزاء للكاذبين

          ارحل اليوم عنى أو مت فليس فى قلبى شوق إليك ولا حنين

فقلت:

من بلاد الحقيقة قـــد أتيــــــــت ولست دربا من خيــــــــال الأولين

ولم تكـــــــن قصتى قيـــد أنامــــــلك بل صـــــاغها رب العالمـــين

فإن يكــــــن مــــوتى نهـايــــــة قصــة فهى بــاقيـــة بقاء الخالدين

يعــرف حقها كل ذى قلــــــب وفى  ويغفــل عن فهمهـــا الخائنين

الذين راحـــــوا وراء كل مبرر زائف لينـــــــــــام ضميرهم ويستكين

بعدما سقطوا من عيون رءوسهم قبل أن تسقطهم عيون الآخرين

وإن كان قلمــك قلم كاذب يسطر الأكاذيــــب فإنــــك أيضا تكذبين

أمـا قلمـى فـروضتــــه فارتــــاد درب الصــــــادقين المخــلصيــن

فلله دركم ما قصدنـــــا أن نوبـــخ أو نعاتــــب أو نجـــرح أو نهــين

إلا أنكم زد تــــــم فى هــــــــراء فزد نـا ومــــا نحن بمعـجــــــزين

فأخــــو الحـــــق دومــا كبيــــــر شأنه مهما علت أصوات اللائمين

وليس بـــــــــــك أو بغيـــــرك يصـــــاغ قدر العظام الملهمـــــــين

إنما المخلصين ذاك طبعـــهم وهذا مكانـــــهم فى الأكــــــــرمين

أمـــا من طــــاب لهـــم خـــــــــداع أنفسهم فهم بلا ريب بائسين

مصطفى إسماعيل

كم حياة سنعيشها ؟!


المدهش أنها حياة واحدة .. نحياها ثم ينتهي السباق.. يظهر بغتة خط النهاية ، نُبصر دون تحذير شارة التوقّف ؛ فلا حركة بعدها ، ولا نفس .
حياة واحدة نعيشها جميعاً ؛ فليس من الفطنة إذن أن نحياها ونحن نرتجف هلعاً ورعباً ، وليس من الفطنة كذلك أن نحياها دون أن نتعلم فيها ومنها .

وأبداً ليس بذكي ذلك الذي يحياها وكأنه لم يحيَ فيها ، يتلمّس موضع قدمه قبل الخطو ، وينظر في وجوه مَن حوله قبل النُطق ، ويلتفت خلفه قبل أن يقرر شيئاً ما ؛ حتى وإن كان بسيطاً .

يُقال إن أقصر قصة لحياة شخص ما ، هي: "ولد عاش ومات" .