الأحد، 6 نوفمبر 2011

الحب والحرمان.

نعيش حياتنا نبحث عن الحب .. فى وجوه الصبايا وفى أزهار الربيع وفى ممرات العمر .. وكل زادنا فى رحلة البحث ما قرأناه من أشعار الخالدين وكتب الفلاسفة ووجوه الفتيان والفتيات المتيمين ... قرأنا كثيرا لكننا دائما بالحب جهلاء ... حتى إذا أتانا صرنا صرعى ذاك الشعور وغابت عن الحياة ألوانها وأصبحنا جزء من فيلم كلاسيكى قديم ترتسم فيه البسمات والضحكات على وجوهنا بينما عيوننا تسرد قصة الألم .. وقلوبنا لم تعد تفهم من لغات العالم رغم كل المحاولات غير لغة الحبيب.
كنا فيما مضى من العمر نعتقد أن الحب شعور رائع يغمر القلوب بربيعها الدائم ونحن قوم لا نغير عقائدنا لكننا تعلمنا من الحب درسا جديدا ... تعلمنا أن الحب إذا تبادله طرفان فتلك جنة وروح وريحان ... أما إذا وقع الحب فى قلب واحد منقطعا عن الحبيب فذلك ما يدمر الكيان ويعصف بالوجدان حيث يتكئ الحب على الحرمان وما كنا قبل ذلك نفهم ما الحرمان.
كنا نتعجب من الشاعر الأعرابى الجاهلى الذى أطاح الحرمان من حبيبته بعقله وهو يتمنى أن يكون وإياها جملين أجربين فينبذا بعيدا عن القطيع حتى يخلو العالم لهما .. كنا نضحك كثيرا ونسخر من هذه الصورة الغريبة ومن تلك البداوة فى الشعور التى اكتسبت خصائصها من تلك البيئة الصحراوية الصارمة .. لم نكن نلقى بالا لما يعانيه من طغيان الشعور بالحرمان ذلك الشعور المؤلم الذى تمنى الشاعر فى سبيل التخلص منه أن يتنازل عن الدنيا جميعها بل ويتنازل عن إنسانيته ليكون جملا ينعم بوصل ناقته التى لم يعد يرى الدنيا والحياة بماضيها وحاضرها ومستقبلها إلا فى صورتها.
الحب والحرمان ... بين الكلمتين تناقض كبير فى اللفظ والمعنى والأثر .. فالأول ذلك الشعور الدافق فى القلب بأنهار الفردوس المحلق فى سماء السعادة والعفة والطهر .. والثانى أشد مرارة على الإنسان من شجرة الزقوم ولا شك أنه ينبت فى أصل الجحيم وتتدلى ثماره للمحرومين كرءوس الشياطين.
   
مصطفى إسماعيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق