الجمعة، 4 نوفمبر 2011

هذه هى الحياة

مازلت أذكر ذلك اليوم حيث لم يكن غيرنا على شاطىء البحر فى يوم شم النسيم .
 كان ذات العام الذى تخرجنا فيه فى الجامعة ..
 قررت نزول البحر وقد كان الماء رائعا تاركا الأصدقاء يلهون على رمال الشاطىء ..
اندفعت بعيدا بعيدا
وبعد أن توقفت
 وجدت نفسى وحيدا بين المياه
الأصدقاء بعيدون جدا يمرحون على الشاطىء ..
رهبة شديدة  تغلف إحساسى .
 ناديت على الإخوان ولا مجيب !!
صارخا : أنا أغرق !!
فكانوا يضحكون .. ويشيرون لى أن أغرق !!!
 كنت أضرب الماء بقوة الغضب ..
 صببت على الماء والأمواج الهادئة نيران نفسى التى غرقت بداخلى ...
الشاطىء بعيد ..
والبحر واسع جدا فارغ جدا موحش جدا هادىء جدا ..
ورغم هذا الهدوء إلا أنه التهمنى ..
فغرقت  ..
نعم غرقت فى داخل نفسى ..
استسلمت لأعماق الوحدة التى باتت تجذبنى إلى القرار ..
 لم أحاول النجاة ..
جسد فوق الماء وروح تهاوت إلى الأعماق ..
وبعد ما يقرب من ساعة تميزت فيها غضبا ...
 اقترب الإخوة منى ..
 توقفوا عن الضحك وأيقنوا جدية الموقف لما بدى على من مظاهر غضب شديد  وإرهاق أشد ...
 أرادوا مد أيديهم لإخراجى
 لكننى رفضت وطلبت منهم أن يكونوا حولى ..
وخرجت وحدى معتمدا على ذاتى وسط تعجب الإخوان ودهشتهم وهم حتى الآن لا يصدقون أننى كنت أغرق ..
نعم كنت أغرق فى أعماق الوحدة والوحشة والغربة والانعزال ...
وها أنا الآن بعد سنوات طوال أغرق فى ذات البحر..
 ولا أخ ولا صديق ولا حبيب أستمد من وجوده ما تأنس به روحى أو تسكن به نفسى أو ما يهدئ ثورتى ..
 ويشتد على الألم .
ويستبد بى الإحباط .
 وتتنازعنى الأحزان ..
ويهاجمنى اليأس و يفارقنى الأمل ..
ويسود الصمت الموحش أرجاء نفسى ..
وتنطفئ الأنوار واحدة تلو الأخرى ويقبل الظلام ..
فأحاول أن أتحسس طريقا وأتلمس مخرجا فى أعماق محيط غريب ..
 فإذا أنا ضائع فى متاهة أبدية كتب على أحد جدرانها عبارة " هذه هى الحياة ".

مصطفى إسماعيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق